يتفننون في منعنا، ونتفنن في استقبالهم: !!!مقال بقلمي

امتلكني شعور بالإحباط بقراءتي لموضوع أستاذنا عبدو حول فرض مبلغ كبير على الطلبة الراغبين في متابعة الدراسة، وأبيت إلا أن أخط هذه العبارات تحت العنوان أعلاه لأتأمل تفنن الغربيين في منع أبنائنا من الهجرة وتفنن حكامنا في الترحيب بهم في أوطاننا والسهر على خدمتهم لأجل المال وتطوير الاقتصاد الذي تستفيد منه عينة محددة من شرائح مجتمعنا على حساب شريحة صارت تنظر إلى العيش الكريم وكأنه محرم عليهم وحلال على غيرهم.

وإني لأعلم علم اليقين أن الترحيب بالأجانب والتعب لأجل توفير راحتهم له مقابل مادي ولكن ليس منه ربح شرفي، إذ نذل أنفسنا مقابل عملتهم، انظر إلى نفسك وأنت تتقدم بطلب تأشيرة وتقف في الصف صابرا على الإهانة وعلى الذل من طرف أناس ربما أنت اشرف منهم عند الله، بل انظر إلى نفسك حينما يدخل الأجنبي المطار عائدا وأنت ترافقه فتخضع أنت للتفتيش من إخوانك ويمر هو أمام عينك وكأنه ابن الوطن والساهر على أمنه وكأنك أنت المشكوك فيك أن تفجره وتنشر الرعب في صفوف أهله، مفارقات عجيبة لمن تدبرها وتأملها..

قد تكون هنا دكتورا أو مهندسا ولكنك هناك ذبابة إن لم تخضع للأمر فسوف يتم إقصاؤها، في حين يدخل بلداننا طالبهم أو بطالي منهم يعيش فقط بنفقات الدولة هناك فتركع له أجسام، و تتذلل له أعناق وكأنه أمير على رأسه تاج من ياقوت، هكذا على الأقل أتصور حينما أرى مظهرا كهذا في بلداننا، بل انتشر داء الذل هذا ليصل نفوسا استعدت لأن تستقبل أجنبيا حتى لو لم تكن به معرفة سابقة بل حتى ولو لم تكن رغبة في الطمع فيه، مجرد مجالسته وحضوره ببيت البعض يعد مجدا عظيما يفاخر به الآخرين وكأنه جالس ملاكا طاهرا، أو كأن الذي استقبل إنسان والذين يعيش وسطهم لا يصنفون في خانة الأحياء..

في حين تجدهم يبدعون وسائل كثيرة لمنعنا من دخول بلدانهم، وحتى إن دخلناها فلا نجد نفس الاستقبال والترحيب الحار الذي يجدوه بمجرد أن تطأ أقدامهم أرضنا، طبعا تختلف الثقافات لكن لماذا لا نعترف بتميز بعضها على بعض ؟ فالكريم الجواد أفضل ممن لديه ثقافة الانزواء وعدم مخالطة الآخرين، بل حتى من تزوج منهم أو من أخت له في الله تقطن بديارهم يجد صعوبة في لم شمله بها، وهذا حتى بوجود أطفال منها، فتجد الاجراءات والانتظارات تقتل الفرحة لطول مآسيها، فصار بعضنا يقدسهم من فرط الاهتمام بهم، وصرنا نضرب بهم المثل في الأشياء الحميدة كالانضباط في الوقت والإتقان في العمل وغيرها من الأمور الحميدة، وهي موجودة لا ننكرها لكن نجعلهم متفردين بها وننفي أن يكون من بيننا من يتصف بها، مع أن منا الصالح و منا دون ذلك، لكن بسبب الإعجاب بهم وبسبب حرماننا صرنا نجعل المحاسن هناك والموبقات كلها هنا...

لقد أصبح من الطبيعي أن يشعر العربي بالنقص نفسيا حينما يكون أمام أضعف الغربيين، فلمجرد زيارة تلميذ أجنبي لمؤسسة ببلدنا ترى الأساتذة والمديرين وغيرهم يبدون في عينك فقراء أمام هذا التلميذ فكيف بمن هو أعلى منه، وهو شعور نفسي ليس وليد اللحظة بل وليد تراكمات الحرمان التي سببها الأول حكامنا هداهم الله، جعلوا شعوبهم في ذل ومهانة يرون غيرهم مقدسا ويقتل بعضهم بعضا.

نسأل الله تعالى أن ينصر المسلمين على من يذلهم في الداخل والخارج، وأن يرجع العزة للمسلم الذي ينتمي إلى خير أمة اخرجت للناس، وما ذلك على الله بعزيز.

والسلام عليكم ورحمة الله

merci